لم تترك العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم «القاعدة» و«داعش» للمحافظات
الجنوبية أن تتنفس الصعداء وتنفض عنها غبار حرب قوى عدوان الحوثي والمخلوع،
فاتت تلك العناصر لتعمق من جراحها، وقتلت فيها فرحة الانتصار وإعاقة أي
جهود لاستتباب الأمن،
وحولت شوارع مدنها التي كانت تدب بالحياة والسلم
والتعايش إلى مدن أشباح تفوح من شوارعها رائحة الموت.. وجدران أزقتها تتلون
بلون الدم..
وأبواب منازلها موصدة بمعاول هدم وإرهاب أفعال تلك العناصر الدخيلة على معظم مدن الجنوب.
الجماعات الإرهابية التي استغلت أوضاع ما بعد الحرب لتتزود بالأسلحة وتستقطب الشباب كانت لا تغيب شمس يوم إلا وترتكب عملاً إرهابياً يستهدف المواطنين في المحافظات المحررة، وعلى وجه الخصوص محافظة عدن، ووصل بالجماعات الإرهابية الأمر أن تتجول في شوارع المدن بالأطقم العسكرية والأسلحة، وهي ترفع شعار «القاعدة» و«داعش».
دعم الإمارات وتأهيلها للأجهزة الأمنية وتشكيلها لقوات مكافحة الإرهاب ساهم وبشكل كبير إلى جانب دعم تلك القوات عسكرياً وجوياً واستخباراتياً في تحقيق قوات الحزام الأمني والأجهزة الأمنية الأخرى لانتصارات كبيرة على الجماعات الإرهابية في عدن ولحج وأبين وحضرموت، وتحقيق الأمن والاستقرار، واستمرار ملاحقة الجيوب الإرهابية المدعومة من الانقلابيين والإصلاح «إخوان اليمن».
انتصارات كبيرة
أسهم الدعم الكبير الذي قدمته دول التحالف العربي، وعلى وجه الخصوص الدور الإماراتي، في نجاح الحرب على التنظيمات المتطرفة التابعة للقاعدة و«داعش» و«الإخوان» في المحافظات الجنوبية، ويقول القائد الميداني أركان لواء الطوارئ علي عسكر، والذي كان ضمن القادة العسكريين المشاركون في تحرير عدن ولحج من عناصر القاعدة في حديثه لـ «الاتحاد»: «لقد شكل الدعم العسكري والاستخباراتي والإسناد الجوي من قبل التحالف العربي والدور المميز للإمارات العربية المتحدة - وعبر الدعم وعلى وجهه الخصوص القيادة والتوجيه ومشاركة الطائرات في تنفيذ ضربات استباقية مكثفة على أوكار الجماعات المتطرفة - أبرز العوامل التي مكنت قواتنا من تحقيق انتصارات على الجماعات الإرهابية، رغم مواجهتنا القوية مع عناصر التطرف والإرهاب التي كانت تمتلك أسلحة خفيفة ومتوسطة، ورغم انتشار قناصة على بعض اسطح المنازل».
وأضاف عسكر: «العامل المساعد الثاني، تمثل في أن محافظات عدن ولحج لم تكن حاضنة للجماعات المتطرفة، إلى جانب أن أبناء تلك المحافظات عموماً كانوا إلى جانبنا، وتعاونوا معنا بشكل كبير، وكانت الفرحة في وجوههم كبيرة بعد تحرير مدينتهم من التنظيمات الإرهابية».
وقال الكاتب والناشط السياسي أنيس الشرفي لـ «الاتحاد»: تمكنت قوات لواء الطوارئ في الحزام الأمني والأجهزة الأمنية والعسكرية وبإشراف مباشر من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من تثبيت الأمن ومحاربة الإرهاب بعد أن كانت العاصمة عدن ومحافظتا لحج وأبين تعيش حالة انفلات أمني غير مسبوق، مما وفر بيئة خصبة للجماعات الإرهابية والتي استغلتها لتنفيذ عمليات الاغتيال والتفجير شبه اليومي، بالإضافة إلى سقوط مديريات كاملة تحت سيطرة تلك الجماعات، ومع جهود السلطات المحلية والأمن والحزام الأمني ودعم وإشراف التحالف العربي تمكنت الوحدات الأمنية من استعادة نفوذ الدولة وتدمير الكثير من الخلايا الإرهابية التابعة لتنظيمات «القاعدة» و«داعش» و«إخوان اليمن» والقبض على الكثير من قيادات الفكر الضال، وتقليص عمليات الاغتيال والتفجيرات إلى أدنى حدٍ ممكن، والتي كان من بين تلك الخلايا خلايا تابعة لحزب الإصلاح «النسخة اليمنية من تنظيم الأخوان المسلمين الذي صنف مؤخراً ضمن الجماعات الإرهابية».
علاقة الإخوان بـ «القاعدة» و«داعش»
عملية تحرير المكلا من جماعة القاعدة التي كانت مسيطرة على المدينة لمدة عام أزاحت الستار عن علاقة إخوان اليمن بالقاعدة، ويحسب للإمارات العربية المتحدة أنها من قطع شك هذه العلاقة بيقين وجودها، حيث كشف معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية عقب تحرير المكلا من القاعدة وتحديداً 24 أبريل 2016م عن وجود تنسيق بين «إخوان» اليمن و«القاعدة» و«داعش».
وقال قرقاش - حينها - في سلسة تغريدات على حسابه الرسمي عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «انكشفت انتهازية الإخوان في حرب اليمن، لم يتورعوا في التعاون والتنسيق مع القاعدة والإرهاب، وهو موقف تكرر في العديد من الساحات العربية الأخرى».
وأوضح وزير الدولة للشؤون الخارجية أن «الأدلة التي وجدناها في اليمن حول التنسيق بين الإخوان والقاعدة دامغة، لعله إرث سيد قطب التكفيري من جهة وتاريخ من الانتهازية السياسية الموثقة».
وإلى جانب ذلك، كشفت التحقيقات مع الإرهابيين والتحقيقات في العمليات الإرهابية التي شهدتها عدن والمحافظات المحررة، عن أن الكثير الإرهابيين، الذين فجّروا انفسهم، وارتكبوا عمليات انتحارية راح ضحيتها المئات من الجنود والمدنيين، معظمهم من أعضاء أو خريجين درسوا على نفقة جمعيات «الحكمة والإحسان والإصلاح» التي تعد أكبر جمعيات حزب الإصلاح «إخوان اليمن».
وبهذا الموقف تكون الإمارات قد أماطت اللثام، وبشكل رسمي وعلني، عن ارتباط جماعة الإصلاح بالقاعدة والتنسيق معهم ومدها لهم بالسلاح.
ويرى مراقبون ومحللون عسكريون أن إماطة اللثام عن علاقة إخوان اليمن «الإصلاح» بالقاعدة و«داعش» انتصار كبير للتحالف، وعلى وجه الخصوص الإمارات، وبمعية القوات الوطنية الجنوبية في حضرموت والجنوب عموماً، وهذا يستدعي المضي في هذا الطريق وبحزم حتى يتم تطهير ما تبقى من مناطق الجنوب من التنظيمات الإرهابية، مشيرين إلى أن هذا الطريق لن يوصلهم للنجاح إلا متى ما تم تجفيف منابع الدعم وقطع التنسيق بين الجماعات الإرهابية والقوى الداعمة لهم، وعلى رأسهم (إخوان اليمن) «حزب الإصلاح».
بصمة إماراتية في دحر الإرهاب من ساحل حضرموت
محافظة حضرموت النفطية كبرى مدن الجنوب، كان للإمارات والقوات المسلحة الإماراتية دور بارز، صنعت فيه شراكة أمنية فعالة في مكافحة الإرهاب ساهمت في دحر عناصر القاعدة من المكلا - مركز المحافظة - وتأمين معظم مدن وقرى المحافظة الأكبر مساحة من التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها «القاعدة» و«داعش» و«إخوان اليمن»، حيث عملت الإمارات وعبر قواتها المسلحة، على تدريب وتأهيل قوات النخبة في محافظة حضرموت وتجهيزها، لتكون قوة قتالية فعالة في مواجهة الإرهاب والتطرف، وأسهم هذا الدعم والتأهيل في نجاح قوات النخبة الحضرمية وقوات المنطقة الثانية - التي يقودها اللواء الركن فرج سالمين البحسني - وبدعم ومشاركة من القوات المسلحة الإماراتية وتحت غطاء جوي في تحقيق انتصارات كبيرة على التنظيمات الإرهابية في ساحل حضرموت واستمرار عملها في تطهير المحافظة من جيوب العناصر الإرهابية.
وبالتزامن مع الذكرى الأولى لتحرير ساحل حضرموت من عناصر القاعدة، والتي صادفت 24 أبريل الماضي، وضمن حملة «ما قصرتوا يا عيال زايد» أزاح محافظ حضرموت اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك الستار عن أكبر لوحتين عملاقتين في قلب مدينة المكلا تمجيداً وشكر للقوات المسلحة الإماراتية لمشاركتها في عملية تحرير مدينة المكلا ومدن ساحل حضرموت من عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي».
وفي خطاب له بالمناسبة، أشاد اللواء بن بريك بالدور الكبير الذي قامت به القوات الإماراتية في مساعدة قوات النخبة الحضرمية، ومشاركتها في عملية تحرير مدينة المكلا، مؤكداً أن دعم قيادة الإمارات ليس بجديد، وإنما هو ممتد منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله.
وفي هذا الشأن وفيما يخص جهود مكافحة الإرهاب في حضرموت، يقول الكاتب والناشط السياسي أنيس الشرفي «محافظة حضرموت النفطية تمكنت قوات النخبة الحضرمية والمقاومة الجنوبية التي تم تدريبها وتجهيزها بإشراف قوات الإمارات العربية المتحدة من تحرير المكلاء عاصمة المحافظة ومديريات الساحل كافة بعد أن كانت عبارة عن ولاية تابعة لجماعة أنصار الشريعة (جماعة تابعة لتنظيم القاعدة الدولي)، وخلال فترة وجيزة من التحرير تم تأمينها، وانطلاق عملية البناء والتطوير».
تحسن الحالة الأمنية عقب طرد العناصر الإرهابية.
شكل تحرير محافظة عدن ولحج وأبين من القاعدة عامل مساعد نحو تطبيع الحياة العامة وزرع الأمل بين الناس، واستطاعت الأجهزة الأمنية المتمثلة بقوات الأمن العام والحزام الأمني في فرض هيبة الأمن، وتحقيق استقرار أمني كبير مكن مختلف القيادات المحلية من معاودة نشاطها بشكل يومي بعد أن كان قد توقف منذ انتشار الجماعات المتطرفة وقبلها احتلال مليشيات الانقلاب للمراكز المحافظات، كما أن هذا الإنجاز الذي كان للتحالف العربي دور بارز فيه ودور مميز للإمارات مكن الأجهزة الأمنية استكمال محاربة الإرهاب وملاحقة الخلايا الإرهابية وضبط العديد من تلك الخلايا التي كانت تقف خلف تنفيذ عمليات الاغتيالات والتفجيرات الإرهابية.
ويقول فواز الشبحي قائد أحد كتائب قوات لواء الطوارئ التي شاركت في عمليات تحرير لحج من القاعدة لـ «الاتحاد»: «بداية، أترحم على أرواح الشهداء الذين ضحوا بدمائهم الزكية من أجل الانتصار لمحافظة لحج وأبنائها الطيبون، ولا يسعني بهذه المناسبة الغالية، إلا أن أقول الحمد لله الذي نصرنا على تلك العناصر الإرهابية نصراً مؤزراً في تلك المحافظة ومحافظات عدن وأبين، وبفضل من الله يمر علينا عام منذ تحرير لحج، وها هي لحج اليوم يسودها الأمن والاستقرار على الرغم من محاولة تلك العناصر المدفوعة الثمن تشوية صورة لحج وأهلها الطيبين، إلا أن إخواننا من رجال الأمن والمواطنين لهم بالمرصاد، فلا قبول لتلك العناصر المجرمة في بلادنا».
دور ريادي للإمارات
أسهم التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات بدور بارز في تحرير محافظات الجنوب من العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم «القاعدة» و«داعش» و«الإخوان».
ويقول القيادي الميداني أركان لواء الطوارئ على عسكر لـ «الاتحاد»: «كان للإمارات العربية المتحدة دور ريادي ومميز في الانتصار الذي حققته قوات الحزام، سيما وهي تحمل ملف مكافحة الإرهاب، وتشرف عليه وتقوده...
وأثنى عسكر: «على الدور الإماراتي المميز في دعمها السخي للمقاومة الجنوبية وإسهامها ودعمها لتحديث الأجهزة الأمنية، وتقديم التأهيل والتدريب والسلاح وتأهيل المرافق الأمنية والمعسكرات، وغيرها من الأدوار الخيرة التي تقدمها الإمارات منذ انطلاق عاصفة الحزم وحتى اليوم»، مشيراً إلى أنه دعم الإمارات لملف مكافحة الإرهاب والحرب عليه في الجنوب حقق انتصارات كبيرة لا تقل أهمية عن الانتصارات على الانقلابيين، متمنياً «استمرار تلك الجهود الداعمة لملف مكافحة الإرهاب والتي من شأنها أن تنهي هذا الخطر الذي تدعمه قوى الانقلاب وحزب الإصلاح «إخوان اليمن».
ويقول فواز الشبحي: «نتقدم بالشكر والتقدير لقوات التحالف العربي، وعلى راسهم مملكة الحزم السعودية العربية والإمارات العربية المتحدة، والتي كان لها دور مميز في إسنادنا ودعمنا براً وجواً في معركتنا مع عناصر التطرف والإرهاب، كما أننا نطالبهم بتعزيز ودعم قوات الأمن والقوات الخاصة بمكافحة الإرهاب والرفع من قدراتها وتزويدها بالأسلحة والأجهزة الحديثة حتى تتمكن من أداء مهامها على أكمل وجهه لتمضي في معركتها مع التنظيمات المتطرفة التي لا تهدد امننا نحن في الجنوب، بل إنها تهدد الأمن القومي ككل عربياً وعالمياً، وصولاً لتعزيز الأمن والاستقرار وتجفيف منابع التطرف والإرهاب وإنهاء مخاطره وتهديداته».