احتفلت اليمن اليوم الأربعاء مع سائر الدول العربية
باليوم العربي لمحو الأمية، الذي يأتي بناء على قرار المجلس التنفيذي
للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في دورته الثانية عام 1970م على
اعتبار يوم "8 يناير" من كل عام يوماً عربياً لمحو الأمية
.
وقال رئيس جهاز محو الأمية وتعليم الكبار في بلادنا أحمد عبدالله أحمد "إن الاحتفال بهذه المناسبة يهدف إلى نشر الوعي بمشكلة الأمية وأخطارها وأبعادها على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية".. مشيراً إلى أن هذه المناسبة تعتبر وقفة تقيميه لمستوى الجهود المبذولة في مجال محو الأمية وتعليم الكبار ولمراجعة الخطط والبرامج للخروج بإضافات جديدة لاستمرارية النجاح في الأعوام المقبلة
وأعتبر أحمد عبدالله القضاء على الأمية ومحوها مسألة ضرورية ومشكلة لابد من التصدي لها والقضاء عليها لتناقضها مع نمط الحياة في هذا العصر لتصبح الكلمة المكتوبة سلاحاً ووسيلة للتواصل مع الآخرين وذلك من أجل التطور والتقدم.
وأكد رئيس جهاز محو الأمية وتعليم الكبار على أهمية اليوم العربي لمحو الأمية لتبادل الخبرات العربية والدولية والتعرف على المستحدثات في هذا المجال لتعميق الوعي بالقضية ودعماً لوسائل العمل وتوثيقاً لنشاطه في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وكان رئيس جهاز محو الأمية وتعليم الكبار التابع لوزارة التربية والتعليم في بلادنا الذي أنشأ في العام 1992م قد أشار خلال الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية في سبتمبر الماضي إلى سعي الجهاز المستمر من خلال العديد من الأنشطة والبرامج إلى تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار التي أقرها مجلس الوزراء في العام 1998م وذلك عبر إيجاد مناهج متخصصة واستهداف المناطق الريفية لارتفاع نسبة الأمية فيها سيما في أوساط الإناث، مبيناً أن إجمالي عدد الملتحقين بمراكز محو الأمية للعام الدراسي 2011-2012م بلغ 151 ألف و843 دارس ودارسة.
وتؤكد المؤشرات ارتفاع نسبة الملتحقين بمراكز محو الأمية في الريف عنها في الحضر بنسبة 71 في المائة حيث بلغ عدد الدارسين في الريف 107 آلاف و925 دارسا ودارسة منهم 104 آلاف و955 إناث فيما بلغ عددهم في الحضر 42 ألف و905 دارس ودارسة منهم 40 ألف و873 إناث أي بنسبة 29 في المائة.
إلى ذلك وبهذه المناسبة وجّه "إتحاد المحامين العرب" اليوم، نداءً إلى الدول العربية كافة، قيادات ومسئولين، وهيئات مجتمع مدني، ونقابات وأحزاباً ومؤسسات تربوية وأفراداً وجماعات رأى فيه أنّ "أخطر ما يهدّد أمتنا العربية من المحيط إلى الخليج، في مصيرها وتقدمها بين الأمم (وقد كانت خير أمة أخرجت للناس) فقط .. هو ما يُطبّقُ عليها من ليل الأميّة المدمّرة بكل أشكالها، أميّةِ الحرف والقراءة والكتابة، وأميّةِ المعرفة، وأميةِ فهم التطور العالمي المتسارع، وما يحمله العصر من مفاجآت هي فوق حد الخيال".
وقال الاتحاد: "يجب أن نحشد بصدق كل الطاقات لمحو هذا العار، عار الجهل والأمية، ونجند كل الإمكانات اللازمة للتربية والتعليم ومدارس الأطفال والتنشئة على المواطنة، ووضع خطط جدية إلزامية لمحو الأمية وتعليم الكبار، حتى لا نخرج من التاريخ، ولا نبقى في سياق الحضارات على رصيف الانتظار، وعلى أن ندرك أن أطفال الأمة هم مستقبلها، وأن المرأة هي صانعة الشعب على صورتها كما قال شاعر النيل: الأمّ مدرسة إذا أعدَدتَها أعدَدتَ شعباً طيّبَ الأعراقِ".
وأضاف الاتحاد "فليكن اليوم العربي لمحو الأمية في العام القادم، فجراً جديداً ومبشراً بانطواء ليل الأمية لنرجع كما كُنّا: خير أمة أخرجت للناس".
ويخلد العالم العربي اليوم العربي لمحو الأمية، الذي أقرته الجامعة العربية ليكون محطة للتأمل في ما تحقق وما يجب القيام به لتضافر الجهود في سبيل تحقيق محو الأمية في العالم العربي.
وتبقى الأمية عائقا حقيقيا أمام تحقيق التنمية العربية الشاملة رغم أن الدول العربية بادرت منذ حوالي نصف قرن إلى اتخاذ خطوات عملية من أجل القضاء على هذه الظاهرة التي تنتشر في صفوف الكبار والصغار على حد سواء، من الذكور والإناث.
وتشير إحصائيات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألسكو" إلى أن عدد الأميين في المنطقة العربية، في عام 2013 المنصرم بلغ 97.2 مليون شخص من أصل حوالي 340 مليون نسمة، أي نسبة 27.9 في المائة من مجموع السكان.
ودقت المنظمة التي تتخذ من تونس مقرا لها، ناقوس الخطر في بيان أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية، في سبتمبر الماضي.. مشيرة إلى أن نسبة النساء من الأميين العرب، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاما، تبلغ 60 في المائة.
وكشف تقرير المنظمة أن أكثر من 6 ملايين طفل في العالم العربي، ممن هم في سن الدراسة، غير منخرطين في سلك التعليم.. كما أن نسبة 20 في المائة من الأطفال الذين يلتحقون بالتعليم الأساسي يتخلفون عنه خلال المرحلة الدراسية الأولى بل وتبلغ هذه النسبة 30 في المائة في بعض الدول العربية.
وبذلت العديد من الدول العربية جهودا كبيرة في مجال مكافحة الأمية خلال العقد الماضي، وقدمت تعليما قويا ونوعيا ومتميزا ما أدى إلى انخفاض نسبة الأميين من إجمالي عدد سكان الوطن العربي من 73 في المائة عام 1970 إلى ما يقارب 28 في المائة في عام 2013.
وتصنف منظمة اليونسكو العالمية، التابعة للأمم المتحدة، المنطقة العربية كأضعف مناطق العالم في مكافحة الأمية.. ويتوقع أن تصبح نسبة الأمية في العالم العربي "طبقا لدراسة وضعتها منظمة الألسكو" الأولى في العالم خلال السنة الجارية بعدما كانت الثانية بعد إفريقيا.
وطبقا لإحصائيات "الألسكو" فإن مصر تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الأميين، بحكم حجمها السكاني في الوطن العربي، تليها السودان فالجزائر والمغرب ثم اليمن. وتضمُّ هذه الدول الخمس مجتمعة نسبة 78 في المائة من الأميّين في البلاد العربية.
أما الدول الأوفر حظاً، من الدول العربية الأعضاء في "الألكسو"، والتي تسجل نسبا متدنية من الأمية فهي "البلدان الصغيرة" الخليجية ذات الموارد النفطية، تقودها الإمارات العربية المتحدة وتليها كل من قطر والبحرين والكويت، إضافة إلى الفلسطينيين.. وتأتي بعدها وبدرجةٍ أقل كل من الأردن وسوريا وليبيا وتونس والتي تبلغ نسبة الأمية فيها مجتمعة نسبة 13 في المائة.
وإذا ما استمرَّت المعدلات على حالها، تشير الإحصاءات إلى أن سبع دولٍ عربية قد تتخلَّص تماماً من الأمية بحلول عام 2015 وهي الإمارات وقطر والبحرين والكويت والأردن وفلسطين ولبنان.. وتسير بعدها في الاتجاه نفسه، ولكن بوتيرة أبطأ، كل من عُمان والسعودية وسوريا ومصر وتونس.. وتبقى السودان واليمن أكثر الدول العربية معاناة من الأمية.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة من طرف مختلف الدول العربية خلال العقود الأخيرة للقضاء على الأمية، فإن الوضعية الحالية لانتشار هذه الآفة لا زال مقلقا حيث أعربت (ألكسو) عن "تخوفها من عدم وجود فرص تقدم محرزة مبشرة بالنسبة لمحو الأمية في الوطن العربي".
ويؤكد المتتبعون لشأن محو الأمية في العالم العربي أن القضاء على هذه الظاهرة في كافة البلدان العربية لن يتأتى قبل حلول سنة 2050، إذا ما سارت الجهود المبذولة في هذا الصدد على ما هي عليه الآن.. غير أن عددا من الدول العربية التي جندت إمكانيات هائلة لهذا الغرض حققت نتائج مبهرة، وبإمكانها أن تقضي بالكامل على انتشار الأمية بحلول عام 2015 كما أشرنا سابقاً.
وذكرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –"ايسيسكو" في بيان لها أن الأمية تنتشر على نطاق واسع في بلدان العالم الإسلامي، سواء في أوساط البالغين، أو الأطفال البالغين سن الدراسة الذين لا يملكون فرصة للذهاب إلى المدارس.
الجدير ذكره أن الحركات الأولى لمحو الأمية على مستوى الوطن العربي بدأت بعد مؤتمر الجامعة العربية بتاريخ 29 ديسمبر عام 1954.. وقررت الجامعة العربية في عام 1966 إنشاء "الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار" الذي يهدف إلى بذل جهود في سبيل محو الأمية بمختلف أنحاء الوطن العربي.
واعتمدت الجامعة في عام 1970 ذكرى إنشاء هذا الجهاز في الثامن من يناير من كل عام، مناسبة اليوم العربي لمحو الأمية.. ونجحت برامج محو الأمية في الحدّ من ظاهرة الافتقار إلى التعليم بالكثير من المناطق الفقيرة بالدول العربية، وكذلك تمكَّنت من إخفاض نسبة الأمية بالمنطقة كثيراً.