افتتح عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس
القيادة الرئاسي، اليوم الأحد، الدورة الـ6 للجمعية الوطنية للمجلس بحضور
نائبيه، اللواء فرج البحسني، واللواء أحمد سعيد بن بريك، رئيس الجمعية
الوطنية.
وألقى الزُبيدي كلمة في افتتاح أعمال الدورة السادسة للجمعية الوطنية كلمة، في ما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
الأخ العزيز فرج سالمين البحسني
الأخ العزيز أحمد سعيد بن بريك
الأخوات والإخوة الأعضاء، الضيوف الكرام، الحاضرون كافة كلًا باسمه وصفته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أرض التاريخ والحضارات العريقة، من منارة الفكر والتنوير ومنبع الحلم والسماحة، من حضـرموت العمق الاستراتيجي للجنوب، جغرافيا وهوية وتاريخ وحضارة، في الماضي والحاضر والمستقبل، أحييكم تحية العزة والحرية والاستقلال والكرامة. ومنكم وعبركم، نتوجه بالتحية إلى أبناء ساحل ووادي وصحراء حضـرموت خاصة، وإلى كافة أبناء شعبنا الجنوبي في الداخل والخارج عامة، الذين يتابعون بآمال عريضة انعقاد دورتكم هذه، ويحدوهم الأمل بأن يتحقق ما هو بالنسبة لنا ولكم واجبٌ وهدف.
الحاضرون جميعًا...
يسعدني أن أشارككم افتتاح فعاليات انعقاد الدورة السادسة للجمعية الوطنية، من هنا، من حضـرموت الخير، رائدة نضالات شعبنا وثورته التحررية، وكلنا ثقة أنَّ هذه الدورة، بمواضيعها المدرجة في جدول أعمالها وتوقيتها ودلالات مكان انعقادها، ستكون دون شك محطةً فارقةً في نتائجها، وامتدادًا للإنجاز التاريخي الذي حققه إخوانكم، ممثلو المكونات والقوى والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الجنوبية، في اللقاء التشاوري الذي احتضنته العاصمة عدن مؤخرًا، وتوِّج بتوقيع الميثاق الوطني الجنوبي.
الأخوات، الإخوة....
إنَّ دورتكم هذه تكتسب أهميةً استثنائيةً لتزامنها مع الذكرى السادسة لتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي استطاع أن يجعل من هذه المناسبة منطلقًا لطور جديد من التحديث والتطوير استجابةً لمتطلبات الحاضر وضرورة المستقبل، وفي سبيل تجسيد مبدأ الشراكة والكفاءة وضخ دماء جديدة شابة قادرة على العطاء وجديرة بالمسؤولية.
إنكم اليوم أمام مهمة وطنية تاريخية، تضعون فيها بصماتكم لصياغة ملامح مستقبل وطنكم دولة الجنوب الفيدرالية المعاصرة، دولة تضمن وتصون حقوق الجميع بمختلف انتماءاتهم السياسية والجغرافية، وتُقيم العدالة، وتحمي الضعيف، وتنصف المظلوم، دولة تحفظ لحضـرموت مكانتها الريادية، ضمن شراكة وطنية جنوبية لا تستثني ولا تقصي أحدًا.
ومن هذا المنطلق، نأمل أن تكون هذه الدورة محطة تقييم ومراجعة صادقة تحقق تطورًا مواكبًا لأداء الجمعية الوطنية الريادي ودورها كمؤسسة تشـريعية للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يحمل على عاتقه قضية شعب الجنوب والتعبير عن إرادته وتطلعاته وحقه في استعادة وبناء دولته المستقلة، والعيش حرًا أبيًّا على أرضه ودولته من المهرة إلى باب المندب.
الأخوات والإخوة.. الحاضرون جميعًا..
يأتي انعقاد الدورة السادسة للجمعية الوطنية وشعبنا الجنوبي يواجه تحديات خطيرة، واستحقاقات هامة في مسار نضال شعبنا وقضيته الوطنية، التي تستدعي المزيد من التلاحم والتآزر والاصطفاف الوطني، وإعلاء المصلحة الوطنية فوق كل مصلحة واعتبار، والعمل بروح الفريق الواحد، كلٌ من موقعه، لتطبيق وتنفيذ نتائج اللقاء التشاوري، وفي مقدمتها أسس ومبادئ الميثاق الوطني الذي كان ثمرةً من ثمار الحوار الجنوبي المستمر، كمنهج ومبدأ، انطلاقًا من إيماننا المطلق بأن الجنوب لكل أبنائه ولن يُبنى إلا بكل أبنائه.
ومن هنا من حضـرموت المجد والحضارة نؤكد على ما أكد عليه الميثاق الوطني الجنوبي بأن دولة الجنوب المنشودة، دولة اتحادية، فيدرالية، مدنية، ديموقراطية، عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة، تقوم وتتأسس على الإرادة الشعبية والمواطنة المتساوية وسيادة القانون وضمان حق الأقاليم في التمتع بصلاحيات كاملة في إدارة شؤونها ومواردها.
الحاضرون جميعاً
إن اتخاذ الإرادة الشعبية الحرة الغالبة مرجعية لشـرعية كل سلطة أو قرار مصيري، وحاكمة وحاسمة لكل خلاف على المستويين الوطني والمحلي، وفقاً لما قرره الميثاق الوطني، يعني إن كلَّ جنوبي سيدٌ في وطنه وعلى أرض إقليمه أو ولايته أو مدينته أو منطقته، وأبناء كل إقليم هم من سيدير شؤون إقليمهم، وأن أبناء حضـرموت وشبوة والمهرة وسقطرى وأبين وعدن ولحج والضالع، سيرسمون معًا ملامح مستقبل الجنوب بمحض إرادتهم دون وصاية ولا إكراه.
السيدات والسادة الحاضرون..
لقد حرصنا، ومنذ البداية، على انتهاج الحوار مبدأً ومنهجًا وطريقًا نحو هذا الاصطفاف الوطني الكبير الذي نعيش عظمته اليوم، لتجسيد شراكة وطنية حقيقية تؤسس لدولة جنوبية حديثة يسودها النظام والقانون والمساواة والعدالة والديمقراطية، دولة تُعلي من إرادة شعبنا وتضحياته وتحترم سيادة الدول وحسن الجوار، وشريكٌ فاعلٌ مع المجتمع الدولي في تعزيز الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب في المنطقة والعالم.
وإذ نُحيي كل القوى الوطنية الحيَّة التي لبَّت دعوات الحوار، واجتمعت تحت سقف واحد وعلى هدف واحد، لترسم معالم مستقبل وطننا الجنوبي ودولته المنشودة، فإننا نؤكد في الوقت ذاته بأن مساعينا في الحوار وجهود تعزيز الاصطفاف الوطني، وحماية مكتسبات شعبنا وتمتين ركائز بناء دولة الجنوب لن تتوقف ولن تستثني أحد، للعبور بسلام نحو المستقبل الآمن الذي رسمناه بأصواتنا وأقلامنا وبنادقنا ودمائنا الطاهرة التي لم ولن تغيب عن أذهاننا.
ونؤكد مرة أخرى، بأننا سنمضـي قدمًا في إنجاز استحقاقات شعبنا على صعيد تعزيز تماسك الجبهة الداخلية، وعلى صعيد التحديث والتطوير المؤسسـي للمجلس الانتقالي لتحقيق شراكةً أوسع لكل ألوان الطيف الجنوبي، وإيجاد إطار تنظيمي لمؤسسات وطنية تتسم بالنهج الصحيح والسليم والشفافية وحسن الأداء، وعلى صعيد حمل لواء قضيته الوطنية والتعبير عن مطالبه وحماية مصالحه، وصولًا إلى تحقيق آماله وتطلعاته.
الإخوة المناضلون الأحرار..
نتابع باهتمام بالغ كافة الجهود التي تبذلها هيئات الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة لإنهاء الحرب وتحقيق السلام، وإذ نؤكد على دعمنا الكامل لكافة المساعي النبيلة الضامنة لإحلال السلام العادل والمستدام في بلادنا والمنطقة، فإننا نذكِّر في الوقت ذاته بأنَّ تلك الجهود ستظل مجرد محاولات قاصرة، ما لم تضع أولوية لمعالجة القضايا المحورية، وفي طليعة ذلك معالجة قضية شعب الجنوب، بما يجسد جذورها ويلبي تطلعات شعبنا وحقه في استعادة دولته على كامل حدودها المعترف بها دوليًا حتى 21 مايو 1990م. ونؤكد بأن شعبنا هو سيد أرضه ومالك قراره، ولن يسمح أبدًا بتمرير أي تسويات منقوصة لا تلبي تطلعاته ولا تعبِّر عن إرادته، وهذا دورنا الذي لن نتوانى عن القيام به في كل الظروف.
إننا ندرك ما تمرُّ به بلادنا من أوضاع اقتصادية صعبة، وهي تمثل تحديًا كبيرًا يجب أن نعمل جميعًا على تجاوزه، فالاستحقاق السياسي يحتاج إلى تهيئة مؤسسية وسياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية، وهذا ما نقوم به اليوم، مستندين على إرادة شعبنا التي لا تلين، وصموده الأسطوري في ظروف كانت أكثرَ قتامةً مما هي عليه اليوم، مجددين له عهد الرجال للرجال، بأننا على الوعد وأنَّ المستقبل المشـرق قريب بعون الله وتوفيقه، ثم بتكاتف واصطفاف شعبنا حول هدفه ومشروعه الوطني الراسخ والثابت، وفي مقدمة ذلك أبطال قواتنا الجنوبية المسلحة الباسلة، الذين يسطرون أروع صور البطولة والتضحية والفداء في ميادين القتال، لتأمين الجنوب وحماية أراضيه، ولا يسعني من هذا المقام سوى أن أحييهم وأشد على أياديهم، وأقول لهم أن ما يقومون به من أدوار بطولية سيسطرها التاريخ بأحرف من نور، وستدونها مناهج التعليم لتربية الأجيال القادمة على العقيدة الوطنية التي يجسدها أبطالنا الميامين اليوم في مشهدٍ مهيب حاملين على عاتقهم مسؤولية حماية شعب الجنوب وتأمين مصالحه، ورفع راية وطنهم عالياً على امتداد أرض الجنوب الحبيبة.
ختاماً، نتمنى لدورتكم هذه النجاح والخروج بنتائج تعزز الاصطفاف الجنوبي وتضع لبنةً أخرى في مدماك بناء الدولة الجنوبية المنشودة.