كثيراً مانسمع عن الموروث الشعبي لمدينة الشحر العريقة الضاربة بجذورها في
عمق التاريخ الحضرمي ، والمساعي المتواصلة للحفاظ على هذا الموروث الإنساني
، حيث أن الشعوب لا تُفهم إلا على ضوء دراسة هذة العادات والتقاليد
الاجتماعية .
اشتهرت مدينة الشحر التاريخية عن غيرها من المدن بكثرة إقامة الزواجات الجماعية وهي عادة حميدة تبرز تماسك وتعاضَدَ المجتمع ، حيث وصل تعداد الزواجات الجماعية في هذه المدينة العريقة إلى مايزيد عن الثلاثين زواجاً خيري تطوعي سنوي ، تتنوع من خلالها الفعاليات التنظيمية التي ترافق مباهج الفرحة بتلك الأعراس وأيضاً تختلف الأهداف التي من خلالها يتم اختيار العرسان .
ومن بين كل تلك الزواجات الجماعية تميزت الشحر بزواج الرقة الجماعي ، هذا الزواج الذي مزج بين العمل التطوعي الاجتماعي والإهتمام بالإرث الشعبي لعادت الزواج التي تتخللها الأهازيج الشعبية في جوٍ يضفي على الحضور طابع الجمال والحنين للماضي الذي هو أساس الموروث الشعبي وتراثه ، وبذلك يعكس صورة ذلك الموروث الجميل الذي يرتسم على زوايا الأمكنة وإظهار المعالم التاريخية بشكلٍ يليق بإحدى اقدم واعرق مدن حضرموت وتلك هي الصورة الحقيقية لذلك الجمال ، ومن هذا المنطلق اختير اسم " الرقة " وهي كلمة من تراث الشحر الغابر وتعني " الساحة " فكثيراً من أحياء مدينة سعاد تشتهر وتعرف بالرقة مثل رقة العيدروس ورقة بلحق وغيرها ، ولعل ذلك هو الاستثناء الأبرز الذي ميز زواج الرقة الجماعي الذي شهد النور العام الماضي 2018م .
وتنطلق مجدداً فعاليات زواج الرقة الجماعي بنسخته الثانية لهذا العام بعدد 25 عريس من كافة حارات مدينة الشحر وتحديداً من فئة محدودي الدخل ، برعاية كريمة من السلطة المحلية بمحافظة حضرموت ممثلة باللواء الركن فرج سالمين البحسني - محافظ محافظة حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية - وشركة البسيري للصرافة والأمين للتجارة والاستيراد والتسويق وشركة العمقي واخوانة للصرافة ومؤسسة السالم للتنمية الإجتماعية.
النسخة الثانية من هذا الزواج ستكون هي الأخرى لوحة فنية تراثية مطرزة بعدد رائع من فعاليات الموروث الشعبي والتي ستنطلق عصر يوم الأحد الموافق 29 سبتمبر 2019م بعقد القرآن الذي سيعقبه برنامج ثقافي متنوع بعدد من الرقصات التراثية بساحة رقة العيدروس بعقل باعوين ، ومن ثم في مساء تلك الليلة أيضآ ستتوجة الأنظار لمشاهدة سهرة الدربوكة بمشاركة أبرز الشخصيات الفنية .
كما ستشهد الشحر أيضاً مراسيم " حلاقة العرسان " وهي من العادات والتقاليد الاجتماعية القديمة التي تكاد أن تنتهي مع تقدم الزمن ، وذلك عصر الاثنين الموافق 30 سبتمبر الساعة الـ 5 بساحة رقة العيدروس .
لا أريد هنا التعمق في تفاصيل المراسيم الفرائحية التي سيشهدها زواج الرقة الجماعي في نسخته الثانية بقدر ما كنت أريد التوضيح بأن ماينتقل من عادات وتقاليد وفنون وإرث شعبي ونحوها من جيل إلى جيل آخر هو صورة تعبر عن التراث الشعبي الذي يظهر عراقة الشعوب ، وأن من المهم والأهم المحافظة علية من الاندثار كما أشرنا مسبقاً أن الشعوب لا تُفهم إلا على ضوء دراسة هذة العادات والتقاليد الاجتماعية ، ومن الجميل أيضآ أن نشاهد هذا التراث الشحري الحضرمي لايزال متوارث في مثل هذه الفعاليات المجتمعية .