نص كلمة محافظ حضرموت في تأبين القائد العسكري علي سعيد عبيد الحيقي
بالمكلا: بسم الله الر حمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام
على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبدالله الصادق الأمين وعلى آله
وصحبة أجمعين ..
في البدء اتقدم عن خالص التعازي في استشهاد قائد اللواء الأول دعم واسناد العميد منير اليافعي ابو اليمامة وعدد من رفاقه الابرياء، جراء الاعتداء الآثم الذي تعرض له حفل استعراضي وتدريبي عسكري شهده معسكر الجلاء بالعاصمة المؤقتة عدن الخميس الماضي .
كما أتقدم بخالص التعازي في استشهاد عدد من الجنود والمواطنين في العملية الإرهابية التي استهدفت مبنى شرطة الشيخ عثمان .
ونؤكد مجدداً ان هذه الاعمال الارهابية تؤكد تحالف قوى الحوثي الانقلابية مع الارهاب ، وندعو المجتمع الدولي الى الوقوف بحزم ضد هذه القوى المارقة والانقلابية .
الحضور الكرام ..
إنني أنا أقف أمامكم في صبيحة هذا اليوم الحزين باسمي شخصياً وباسم قيادة السلطة المحلية بمحافظة حضرموت وقيادة المنطقة العسكرية الثانية وباسم كافة أبناء حضرموت في داخل الوطن وخارجه لإحياء حفل تأبين فقيد القوات المسلحة وحضرموت والوطن المناضل اللواء الركن علي سعيد عبيد الذي وافته المنية في يوم الأحد 3 /مارس/2019م بعد حياة حافلة بالنضال والعطاء السخي في خدمة القوات المسلحة والوطن عموماً.
وأن تسابقت الكلمات وتزاحمت السطور لتحكي قصة نضال وكفاح هذه الشخصية العسكرية الفذة فإنها تعجز عن أن تفي الرجل بما يستحقه لان قصة حياة فقيدنا اللواء الركن علي سعيد عبيد تعد قصة مكتملة الأركان تحكي نضالات قواتنا المسلحة عموماً وسلاح المدفعية والصواريخ خصوصاً وما رافق هذا السلاح من تطورات متسارعة كانت اليد الطولي في هذا التطوّر لفقيدنا الكبير الذي ظلت حياته مرتبطة ارتباطاً مباشراً بكامل تطوّر هذا السلاح ومسئولياته في الدفاع عن الوطن ومكتسباته .
إن مشوار فقيدنا الطويل في الحياة العسكرية قد بدأ فعلياً في العام 1971م حين كان قائد البطارية المدفعية في سلاح المدفعية الذي كان يعد تشكيله حديثاً في تلك الفترة وكان لفقيدنا شرف الانتماء لتلك الكوكبة النيرة من الضباط الذين تحملوا مسؤولية بناء هذا السلاح من الصفر حتى وصل إلى أعلى وابلغ مستوياته وكان فقيدنا من بين أبرز أولئك الضباط المتميزون بالذكاء الفطري والمعروفون بالمستوى العالي من الانضباطية في العمل والسلوك ومهاباً لدى زملائه الضباط والأفراد على حد سواء .
كل تلك الصفات جعلت من القيادة السياسية والعسكرية أن تثق ثقة مطلقة بكفاءة ذلك الضابط الشاب علي سعيد عبيد الذي كان ملئ بالحيوية والنشاط والانضباط مما اتاح له فرصة التدرج السريع في المناصب القيادية في سلاح المدفعية .
ونظراً لكفاءته فقد حضي فقيدنا أيضاً بتقدير القيادة السياسية والعسكرية وإبتعاثه للدراسة الاكاديمية في اكاديمية المدفعية في الاتحاد السوفيتي سابقاً وكان فقيدنا بالمقابل حريصاً على تقدير مهاراته وقدراته العسكرية وكان من بين المبرزين في دراسته الاكاديمية بل كان متفوقاً في استيعابه لعلوم المدفعية .. كما كان لفقيدنا دور بارز في تطوير هذا السلاح .. ونظراً لما أبداه فقيدنا من انضباط والتزام وقدرات في تنفيذ المهام فقد تدرّج في العديد من المناصب العسكرية الرفيعة حيث عين قائداً لسلاح المدفعية ونائباً لرئيس هيئة الأركان العامة حيث تم تحييده من منصبه بعد حرب صيف 1994م ليتم بعد فتره إعادة ترتيب وضعه وذلك بتعيينه مستشاراً لوزير الدفاع ولما يتمتع به من كفاءه في مجال التدريب فقد صدر قرار بتعيينه مديراً للأكاديمية العسكرية (صنعاء) وخلالها أدار كافة تلك المهام باقتدار ومهنية عالية نظراً لمعارفه المتقدمة والكبيرة وخبراته في مجال التدريب والتأهيل للقوات المسلحة وظل في منصه حتى فاجأه المرض ولحالته الصحية تم تعيينه ملحقاً عسكرياً لليمن في جمهورية روسيا الاتحادية .. ولزيادة سوء حالته الصحية فقد عاد إلى مدينة المكلا ليستقر فيها حتى سلّم روحه الطاهرة لبارئها في 3 مارس 2019م .
الحاضرون جميعاً ...
إنه من الأهمية بمكان أن أشير في هذا الجمع الكريم وما يهمني هنا أن أتحدث به هو باعتباري رفيق درب الفقيد على مدى قرابة خمسة عقود كانت فرصة لي بأن أتعلم من هذا القائد ومن صفاته الحميدة سواءً الشخصية منها أو العسكرية .. كان فقيدنا متواضعاً جداً ... محباً للناس ... مهتماً بمرؤسية من ضباط وصف ضباط وجنود .. وكان فقيدنا مشجعاً ومحفزاً للمنضبطين والملتزمين والمنفذين للمهام ومحاسباً للمقعدين والمتقاعسين عن تنفيذ الواجبات .. وكان قاسياً مع نفسه ومع الآخرين وحتى أقرب المقربين له وأقصد هنا حرصه الشديد على أن تجري الأمور بصورة شفافة ومنضبطة .. ولا يسمح لنفسه شخصياً بالتمتع بأي امتيازات لا يجوزها له القانون وكل القادة الذين خدموا معه يعرفون ذلك .
كان فقيدنا رحمه الله قوي الشخصية متمسكاً بالنظام والقانون وقائداً عسكرياً محترفاً .. وكان حريصاً على تربية كل من تعامل معهم بروح حب الوطن والدفاع عنه كما كان حريصاً جداً على الحفاظ على رفع الجاهزية القتالية والمعنوية للمقاتلين ، كما كان أيضاً حريصاً على الممتلكات العامة ولا يرحم من يهمل أو يسئ استخدامها.
لقد كان فقيدنا مدرسة علينا أن نفخر به وأن نخلده لأن مثل هذا الرجل قلائل في جيشنا اليمني وعظمة هذا الرجل تتجلى دائماً في حكمته وعطفه وحبه للجميع .
إن أعمالاً كبيرة وكبيرة جداً كان يقوم بها الفقيد اللواء الركن علي سعيد عبيد رحمه الله أثناء خدمته في القوات المسلحة ستظل شاهدة على عظمة هذه الشخصية العسكرية والذي سيظل جميع القادة والضباط وصف الضباط يذكرونها باعتبارها شواهد على مرحلة نضال وكفاح الرجل وحقبه زمنية معينة من تطوّر قواتنا المسلحة .. هذه الشخصية الحضرمية العسكرية الوطنية التي ستظل مثالاً رائعاً للقائد الهمام الذي يستلهم الجميع من اخلاقه وقيمة الانسانية وخبراته ومعارفة العلمية العسكرية .. ولقد ترك فقيدنا خلفه ارثاً تاريخياً عسكرياً كبيراً زاخراً بالمنجزات ويعد ثروة للأجيال العسكرية القادمة ..
وبهذا نعلن عن انشاء مدرسة القتال للتدريب بالمنطقة العسكرية الثانية ، ونعلن اطلاق اسم الفقيد علي سعيد عبيد الحيقي على هذه المدرسة تخليداً لمآثره وخدمة وطنه ولارتباطه الوثيق بمحال التدريب في القوات المسلحة ، وسنسعى في قيادة السلطة المحلية والمنطقة العسكرية الثانية بأن تكون هذه المدرسة من المدارس العسكرية المتميزة على مستوى الوطن .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اللواء الركن/
فـرج سالميـن البحسني
محافـظ محافظة حضـرموت
قائد المنطقة العسكرية الثانية