نجح مزارع بحضرموت شرقي اليمن في زراعة محصول الارز لأول مرة بالمحافظة.
وقال المزارع الشهير هود عاشور باسيود إن المحصول يعتبر ذو جودة عالية من
الأرز البسمتي، وتمت زراعته من بذور باكستانية، ويتميز بتكيفه مع الاجواء
الجافة.
وحول فكرة زراعة الأرز قال باسيود في حديثه لـ “الموقع بوست” إن ذلك كان حلم يراوده ووجد إجابته عند بعثة طبية صينيه كانت تعمل بمستشفى سيئون العام في العام 2006 والتي أكدت له امكانية تقبل مناخ وادي حضرموت لزراعة الأرز.
و شار باسيود الى أن تجربته بدأت على فترات زمنية جرى خلالها مراقبة المحصول و التأثيرات المناخية عليه، والفترة الزمنية المناسبة للزراعة على مدار العام الكامل.
واستطاع باسيود الذي حقق نجاحا في تجارب سابقة من زراعة محاصيل متعددة في كسر قاعدة طلب محصول الارز للمياه بشكل كبير من خلال التجربة الحالية، حيث قام بزراعة المحصول على أرضية منحنية أثبت خلالها أن المكان الذي انساب الماء اليها بكثرة لا تنبت فيه المحاصيل، أما المواقع التي تقل تركز المياه فيها فقد نبت المحصول فيها إلى جانب ازدهار البذور التي كانت على مساحة التجربة، والتي كانت تسقى من خلال الرطوبة إلى جانب تكاثر سنابلها.
يجلس باسيود أوقات طويلة تصل إلى 12 ساعة في اليوم لتنفيذ تجاربه في مزرعته التي تبلغ مساحتها 28 فدان، وتقع بأطراف مدينة سيئون، واضطر إلى حفر بئر ارتوازية لريها على حسابه الخاص، بسبب عدم تمكنه من الحصول على مساعدة مالية لحفر البئر بعد حصوله على توجيهات حكومية سابقة بمساعدته.
يقول في سياق حديثه مع مراسل الموقع بوست إن الابحاث المصرية ساعدته في زراعة محصول الأرز، و قدمت له ارشادات ومعلومات استطاع من خلالها تجاوز عدد من الخطوات في التجارب التي تأخذ وقتا كبيرا لاكتشافها.
وتمنى باسيود المولود في العام 1950م بمدينة سيئون وسط وادي حضرموت من جهات الاختصاص المحلية في الأبحاث الزراعية أن تعمل على تطوير تجاربه والاستفادة منها حتى يتم تعميمها على بقية المزارعين.
لدى باسيود تجارب في تطوير أصناف محاصيل زراعية، وأخرها نخلة أطلق عليها “دقلة نور الحضرمية” التي طورها من دقلة نور التونسية.
و يعتقد من خلال تجاربه الشخصية أن تمور دقلة نور الحضرمية ساهمت في علاج بعض حالات مرض السرطان، متمنيا من الباحثين والاكاديميين العمل على دراسة قدرة التمور في العلاج الفعلي لمرض السرطان، والذي يشهد انتشارا واسعا بمحافظة حضرموت خلال السنوات الاخيرة.
عند التجول في مزرعة باسيود يجذب انتباهك وجود ثلاثة أصناف من القمح، يقول عنها أنها جاءت من تجاربه في تطوير زراعة القمح بوادي حضرموت، وتتميز باختلاف طعمها عند تذوقها.
وتتضمن المزرعة محاصيل لبذور البصل يعمل المزارع باسيود على مراقبتها، و اختيار الطفرات منها ليقوم بمكاثرة بذورها إلى جانب بذور القمح لتقديمها لزملائها المزارعين.
ويعاني المزارعين في وادي حضرموت من اختلال في توفر مادة الديزل لتشغيل المضخات الزراعية، وكذلك تقلب اسعارها، الأمر الذي انعكس في عزوف الكثير عن الزراعة، اضافة لتقلص المساحات الزراعية جراء تحويلها لمناطق سكنية من خلال الاستثمار فيها ، وبيعها بأسعار خيالية وصلت إلى نحو ثلاثين مليون للأرضية الواحدة.
ويمتاز وادي حضرموت بالزراعة، واعتماد الكثير من ابنائه عليها كمصدر للرزق، والتزود بالطعام، ومن أشهر تلك المحاصيل التمور و القمح والبصل والثوم و الطماطم، ويعتمد المزارعين عند زراعتها على النجوم الفلكية التي حددوها لكل منتج لمعرفة مواعيد زراعته، وأصبحت هذه الطريقة متعارف عليها بين العاملين في المجال الزراعي.
يقول باسيود إنه استفاد من تلك النجوم المرتبطة بالتاريخ الميلادي في زراعة الارز، وهي فترة تمتد بين غسطس ونوفمبر كون الأجواء المناخية تكون معتدلة.
ويعتبر الأرز وجبة رئيسية لأبناء محافظة حضرموت، واشتهر الحضارم في إجادة طبخه بعدة أصناف أهمها الكشري مع اللخم، والصيادية، والكبسة، والزربياني.
ويعرب باسيود عن تفاؤله بهذا النجاح الذي حققه في زراعة الأرز، ويأمل أن تنتشر تجربته على نطاق واسع، ويتطلع أن تثمر هذه التجربة في تغطية احتياج السوق المحلية، و لو بشكل جزئي.